مجالات عمل قطاع الثقافة

ينقسم عمل قسم الثقافة بين التراث الثقافي المادي والتراث الثقافي غير المادي، حيث يندرج تحت كليهما مجموعة من المواضيع التي يتم التواصل بخصوصها مع المؤسسات والجهات المعنية.

التراث الثقافي المادي

يعرف التراث الثقافي المادي على أنه الميراث المادي الذي يخص مجموعة ما أو مجتمع لديه موروثات من الأجيال السابقة، مثل المباني والأماكن التاريخية والآثار والتحف وغيرها، التي تعتبر جديرة بحمايتها والحفاظ عليها بشكل أمثل لأجيال المستقبل.  

ويندرج تحته مجالات العمل الآتية:

  • 1- التراث العالمي:

من المعروف أن بعض مواقع العالم لها "قيمة عالمية استثنائية" ويجب أن تشكل جزءاً من التراث المشترك للبشرية. وفي هذا الإطار تسعى دول العالم للمصادقة على الاتفاقيات الدولية (مثل "اتفاقية التراث العالمي") التي تعمل على توحيد القوى والعمل ضمن أطر مشتركة لتحديد أهم مواقع التراث الطبيعي والثقافي في العالم وصونها والمحافظة عليها. وتضم قائمة التراث العالمي على سبيل المثال في الوقت الراهن 962 موقعاً في 157 دولة طرفاً (745 موقعاً ثقافياً و188 موقعاً طبيعياً و29 موقعاً مختلطاً). أما في حالة الأردن على وجه التحديد، فإن قائمة التراث العالمي تضم خمسة مواقع، هي: البترا وقصير عمرة وأم الرصاص ومحمية وادي رم الطبيعية (موقع مختلط) والمغطس.

ويتلخص دور اللجنة الوطنية في هذا المجال في تنسيق العمل والجهود بين المنظمات الدولية والجهات المحلية المعنية (مثل دائرة الآثار ووزارة السياحة وسلطة إقليم البترا وغيرها...) لرفع ملفات الترشيح للمواقع، ليتم إدراجها على قوائم التراث العالمي، وتعميم القرارات وما يترتب عليها من تقارير تفيد بالإجراءات المتخذة من الدول المصادقة ومدى التزامها بالاتفاقيات وتوصيات المؤتمرات والاجتماعات.

  • 2- المحافظة على التراث الثقافي المهدد بالخطر وفي حال النزاع المسلح

تتعرض الثقافة بحكم طبيعتها سريعة التأثر وما تنطوي عليه من قيمة رمزية كبيرة لمخاطر عديدة في أوضاع النزاعات المسلحة أو الكوارث. لذا تسعى المنظمات الدولية بالتعاون مع المجتمع الدولي إلى حماية التراث الثقافي والحضاري في حالات الطوارئ، عن طريق سن القوانين والتشريعات في زمن النزاعات والحروب، وبعد وقوع الكوارث الناجمة عن الأخطار الطبيعية.  حيث تصادق الدول على الاتفاقيات التي من شأنها المحافظة على التراث الثقافي وصونه من الأخطار التي يتسبب بها الانسان والظروف الطبيعية، عن طريق تنفيذ المشاريع المتخصصة والالتزام بالتشريعات والقوانين الدولية وتزويد المنظمات بالتقارير التي تظهر التزام الدول بهذه الاتفاقيات وبنودها.

يتمثل دور اللجنة الوطنية في هذا المجال في تعميم قرارات المنظمات فيما يخص المواقع المهددة بالخطر وحالة الحفاظ عليها، وارسال تقارير الجهات المعنية إلى المنظمات بما يضمن متابعة مستمرة لها.

  • 3- الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية وإعادتها إلى بلادها الأصلية

تضع المنظمات الدولية الاتفاقيات وتسن القوانين التي من شأنها حظر استيراد وتصدير ونقل ملكية الممتلكات الثقافية بطرق غير مشروعة، والعمل على إعادتها إلى بلادها الأصلية. إلى جانب نشر الوعي بقيمة مختلف الفنون وشتى أشكال التعبير الثقافي، حيث شهدت ظاهرة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية نمواً متزايداً على الصعيد الدولي، وبات نهب الممتلكات الثقافية واستيرادها وتصديرها بطرق غير مشروعة من الممارسات الشائعة التي تطال في المقام الأول المواقع الأثرية والمباني الدينية والمؤسسات الثقافية والمتاحف كما تطال المجموعات العامة والخاصة في العالم أجمع. وتقوم اللجنة الوطنية بتعميم طلب المنظمات لتقارير دورية، تبين الاجراءات المتخذة من الجهات المعنية (وزارة الداخلية ووزارة السياحة والآثار ودائرة الجمارك)، فيما يخص الآثار السورية والعراقية على وجه الخصوص.

  • 4- جهود الأردن في المحافظة على تراث مدينة القدس

يحرص الأردن على متابعة ملف التراث الثقافي لمدينة القدس بالتعاون مع المنظمات والهيئات الدولية للمحافظة على تراث المدينة المسجلة على لائحة التراث العالمي عام 1981م وعلى لائحة التراث العالمي المهدد بالخطر عام 1982م وبمبادرة أردنية لأن تراث المدينة يتعرض لتهديدات واعتداءات إسرائيلية مستمرة نتيجة الاحتلال وسياسته الأحادية غير المسؤولة والهادفة إلى تغيير معالم الأماكن الدينية والتاريخية بما يخالف الأنظمة والقوانين الدولية وميثاق منظمة اليونسكو. وتقوم اللجنة الوطنية الأردنية بالعديد من الإجراءات فيما يتعلق بالتنسيق مع منظمة اليونسكو في متابعة ملف القدس الشريف وأسوارها، حيث تعمل على مواصلة التنسيق مع وزارة الخارجية ووزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية والمندوبية الأردنية الدائمة / باريس في متابعة ملف القدس، وتقوم بدعم وحشد الجهود العربية والإسلامية لاتخاذ موقف عربي وإسلامي موحد لمواجهة الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة في المدينة المقدسة.

يحظى المسجد الأقصى والقدس الشريف باهتمام بالغ من صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبد الله الثاني ابن الحسين حفظه الله ورعاه فكانت مسيرة الإعمار التي ورثها جلالته عن أسلافه الهاشميين منارةً يُستضاء بها في ظلمة ما تواجهه تلك المقدسات من تحديات وسداً منيعاً أمام محاولات التهويد والسيطرة عليه تمهيداً لتقسيمه، وهنالك جهود مكثفة تبذلها الحكومة الأردنية ممثلة بمؤسساتها المعنية بملف المحافظة على التراث الثقافي لمدينة القدس الشريف، حيث تعقد سلسلة اجتماعات للمؤسسات الوطنية المعنية بمتابعة ملف المحافظة على التراث الثقافي لمدينة القدس الشريف وأسوارها. ومن أهم الهيئات التي تتابع ملف القدس في اليونسكو المجلس التنفيذي ولجنة التراث العالمي.

التراث الثقافي غير المادي

يُعرف التراث الثقافي غير المادي على أنه التراث الحي الروحي للإنسانية، الذي يمثل الممارسات والتصورات وأشكال التعبير والمعارف والمهارات التي تعترف بها المجتمعات على أنها جزء من تراثها الثقافي، الذي يتم توارثه من الأسلاف ويتم نقله للأجيال.  

ويندرج تحته مجالات العمل الآتية:

  • 1- صون التراث الثقافي غير المادي

تعمل اللجنة الوطنية من خلال التعاون مع المنظمات الدولية والجهات المعنية بالتراث الثقافي غير المادي، كوزارة الثقافة ومؤسسات المجتمع المدني على صون هذا التراث من خلال المصادقة على الاتفاقيات الدولية ذات العلاقة التي تضمن الحفاظ عليه وتأمين استدامته وضمان الاستفادة مما يقدمه من إمكانيات لتحقيق التنمية المستدامة.

وتهدف الأنشطة التي تنفذها المنظمات بالتعاون مع اللجنة الوطنية والجهات الحكومية وغير الحكومية المعنية بصون التراث الثقافي غير المادي إلى بناء قدرات المؤسسات والأفراد لصون هذا التراث الحيّ ونقله للأجيال اللاحقة دون المساس بخصوصيته، من خلال تنفيذ ورشات العمل وحملات للتوعية بأهمية التراث الثقافي المادي وتقديم المحاضرات، وتنظيم الأمسيات والمعارض الفنية. بالإضافة إلى العمل مع الجهات المعنية لتحضير ورفع ملفات خاصة بعناصر التراث الثقافي غير المادي وإدراجها على اللوائح العالمية.

  • 2- حصر التراث الثقافي غير المادي ودمج المجتمعات المحلية

تسعى اللجنة الوطنية للعمل مع المنظمات والجهات الحكومية وغير الحكومية لصون التراث الثقافي غير المادي من خلال دعم مشاريع حصر التراث في مناطق المملكة الأردنية الهاشمية. ويأتي هذا انسجاما مع أوليات المنظمات الدولية والخطط الوطنية التي تسعى إلى ترسيخ الارث الثقافي والمحافظة عليه من الاندثار من خلال توثيقه. وللجنة الوطنية دور بارز في هذا المجال، حيث عملت مع وزارة الثقافة على تنفيذ مشروع خاص بحصر التراث الثقافي غير المادي بمحافظة مأدبا، من خلال الاستعانة بالمجتمعات المحلية، التي تعد المصدر الأهم للتراث الثقافي غير المادي إلى جانب الاستعانة بالخبراء في هذا المجال.

  • 3- الثقافة من أجل التنمية المستدامة

تعد الثقافة عامل لا غنى عنه لأية تنمية مستدامة، على أساس أن التراث الثقافي والصناعات الثقافية والإبداعية يمكن أن تؤثر أيجاباً على الأبعاد الاقتصادية، الاجتماعية والبيئية للتنمية المستدامة. وهو ما تسعى المنظمات الدولية لترسيخه من خلال برامجها في الدول الأعضاء، التي تعممها اللجنة الوطنية على المؤسسات المعنية.

  • 4- الإبداع

في حين يمثل التراث مصدراً للهوية والتماسك في المجتمعات التي تواجه تحولات مربكة وتعاني من انعدام الاستقرار الاقتصادي، يُسهم الإبداع في بناء مجتمعات منفتحة. ويساعد كل من التراث والإبداع على إرساء الأسس اللازمة لنشوء مجتمعات معرفة مفعمة بالحياة تزخر بأوجه الابتكار والازدهار. وفي هذا المجال تسعى اللجنة الوطنية لتعميم برامج المنظمات الخاصة بالإبداع الثقافي والفني، والجوائز والمنح والمسابقات على المؤسسات المعنية والمهتمين، ورفع الترشيحات ومتابعتها مع المنظمات، الأمر الذي يشجع الإبداع والابتكار يبرز دور المبدعين والمبتكرين في مجالات اختصاصهم وأثر جهودهم في تحقيق التنمية المجتمعية.